أقرّ الكنيست الإسرائيلي تشريعًا يحظر على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) العمل داخل إسرائيل، مما أثار قلقًا لدى بعض الحلفاء الغربيين لإسرائيل من أن هذا القرار قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلاً في قطاع غزة.
ما هي طبيعة عمل الأونروا؟
تأسست الأونروا عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أعقاب النزوح الجماعي للفلسطينيين نتيجة حرب 1948، حيث فرّ أو هجّر نحو 700 ألف فلسطيني من منازلهم، وتوظف الوكالة حاليًا نحو 30 ألف فلسطيني في مختلف مناطق الشرق الأوسط، لتلبية الاحتياجات الإنسانية والخدمات الأساسية لما يقارب 5،9 مليون لاجئ فلسطيني، في كل من قطاع غزة، الضفة الغربية، ومخيمات اللاجئين في دول الجوار العربية.
في قطاع غزة وحده، يعمل حوالي 13 ألف موظف لصالح الأونروا، ويقومون بتشغيل المدارس، وعيادات الرعاية الصحية الأولية، وتقديم خدمات اجتماعية متعددة، إضافة إلى توزيع المساعدات الإنسانية، وزادت أهمية خدمات الوكالة في غزة بعد الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 2005، والذي أدى، مع تشديد الإجراءات الحدودية من الجانب المصري، إلى تدهور اقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة إلى مستويات قياسية عالميًا.
مع تصاعد النزاع الأخير إثر هجمات 7 أكتوبر 2023، لجأ مئات الآلاف من سكان غزة إلى مدارس وعيادات الأونروا والمرافق العامة الأخرى بحثًا عن مأوى. وتعتمد الأغلبية الساحقة من سكان القطاع على خدمات الأونروا لتلبية احتياجاتهم الأساسية كالغذاء والماء ومستلزمات النظافة، فيما أسفر النزاع عن مقتل ما لا يقل عن 220 من موظفي الوكالة، مما يجعله النزاع الأكثر دموية بالنسبة لموظفي الأمم المتحدة.
من هم المانحون الرئيسيون؟
تعتمد الأونروا بشكل كبير على مساهمات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك دول إقليمية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتدعمها أيضًا الميزانية العامة للأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية الأخرى، في عام 2022، كانت الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد والنرويج واليابان وفرنسا والسعودية وسويسرا وتركيا من أكبر المانحين.
علّقت دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وسويسرا تمويلها للأونروا مؤقتًا في يناير الماضي بعد ظهور مزاعم عن تورط نحو 12 من موظفي الوكالة في أحداث 7 أكتوبر، وقد استأنفت معظم هذه الدول التمويل منذ ذلك الحين.
ما هي الادعاءات الإسرائيلية؟
بدأت الأمم المتحدة تحقيقًا بعد اتهام إسرائيل لعدد من موظفي الأونروا بالمشاركة في هجوم حماس في 7 أكتوبر، إضافة إلى اتهامات تتعلق بسبع حالات أخرى خلال شهري مارس وأبريل من هذا العام، وأعلنت الأمم المتحدة في أغسطس أنها فصلت تسعة موظفين من الوكالة للاشتباه في تورطهم في هجوم حماس الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص وأسر أكثر من 250 آخرين.
صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحقًا أن العدد الإجمالي لموظفي الأونروا المتورطين بلغ 13 شخصًا، فيما قدمت إسرائيل ملفًا في يناير تدعي فيه أن الوكالة توظف نحو 190 مسلحًا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ما هو تأثير الحظر الإسرائيلي المحتمل؟
يرى فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، أن قرار البرلمان الإسرائيلي يمثل “سابقة خطيرة”، معتبرًا إياه جزءًا من حملة مستمرة تهدف إلى “تشويه سمعة” الوكالة و”إلغاء شرعيتها” في تقديم خدمات إنسانية وتنموية للاجئين الفلسطينيين، وعبّرت وكالات أممية عن قلقها من أن تطبيق هذا الحظر قد يعرض الأطفال في غزة لخطر أكبر ويعتبر نوعًا من العقاب الجماعي، وصرح جيمس إلدر، المتحدث باسم منظمة اليونيسف، أن حظر الأونروا سيؤدي على الأرجح إلى انهيار المنظومة الإنسانية في غزة، معتبرًا أنه يمثل “طريقة جديدة لقتل الأطفال”.
الموقف الإسرائيلي من الأونروا على مر السنوات
لطالما دعت إسرائيل إلى تفكيك الأونروا، معتبرةً أن دورها بات قديمًا وأنها تساهم في تغذية المشاعر المعادية لإسرائيل بين موظفيها ومن خلال مدارسها ورسالتها الاجتماعية الأوسع، وسبق أن دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الولايات المتحدة، وهي أكبر داعم للوكالة، إلى سحب دعمها للأونروا، وأشاد بقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بوقف تمويل الوكالة.
عانت الأونروا سابقًا من أزمات داخلية، مثل استقالة مفوضها العام في 2019 بعد اتهامات بسوء السلوك، وفي عام 2014، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه بعد العثور على صواريخ في مدرسة مهجورة تابعة للأونروا والتي اختفت فيما بعد.