بعد 18 شهرًا من الحرب الأهلية، كشف تحقيق للأمم المتحدة، أنّ جرائم الاغتصاب باتت “معممة” في السودان، حيث ارتكبت معظم هذه الاعتداءات على يد قوات الدعم السريع، وأعرب محمد شاندي عثمان، رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، عن صدمته من “حجم العنف الجنسي المهول” الذي تم توثيقه، مؤكدًا أن وضع المدنيين، خاصة النساء والفتيات، بات “مقلقًا للغاية ويستلزم معالجة فورية”، وذكر التقرير أن الأطفال لم يسلموا من هذا العنف، إذ اختُطفت العديد من النساء والفتيات لاستعبادهن جنسيًا. ومنذ تأسيس البعثة أواخر العام الماضي من قبل مجلس حقوق الإنسان، كانت مهمتها توثيق الانتهاكات منذ بدء الصراع في شهر أبريل 2023.
تشهد السودان حربًا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، مما أدى إلى زيادة المعاناة الإنسانية حيث يحتاج 25 مليون شخص إلى المساعدات، ووفق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي تحدث أمام مجلس الأمن، فإن المدنيين يواجهون “كابوسًا من العنف” مع ارتفاع حالات القتل، الاغتصاب، والجوع، فضلًا عن “العنف الإثني” في دارفور.
أدّت هذه الحرب إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، بينهم 3 ملايين لجأوا إلى دول مجاورة، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويتبادل طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وفقًا للأمم المتحدة، في شهر سبتمبر، دعت البعثة إلى نشر قوة دولية “مستقلة ومحايدة” لحماية المدنيين، بعد تأكيدها أن كلا الجانبين ارتكب “انتهاكات حقوق إنسان فادحة” قد تصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
جدد التقرير اتهام الطرفين بانتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي، مشيرًا إلى وقوع حالات تعذيب واغتصاب واستعباد جنسي واضطهاد على أساس العرق والجنس، واعتبر التقرير أن قوات الدعم السريع مسؤولة عن العنف الجنسي في المناطق التي تسيطر عليها، حيث نُسبت “الغالبية العظمى” من حالات الاغتصاب الموثقة إلى عناصرها، وخاصة في منطقة دارفور عبر ميليشيات الجنجويد.
كشف التحقيق عن تورط بعض أفراد الجيش، بما في ذلك عناصر من الاستخبارات العسكرية، في بعض حالات العنف، وتلقت البعثة أيضًا “معلومات موثوقة” بشأن حالات اغتصاب طالت رجالًا وفتيانًا، وأكدت جوي نغوزي إيزيلو، عضو البعثة، على ضرورة حماية النساء والفتيات والأطفال في السودان، مشددة على أن استمرار الإفلات من العقاب سيعزز “دوامة الكراهية والعنف”، وطالب المحققون بتوسيع حظر الأسلحة المفروض على دارفور ليشمل السودان بأكمله، وحثوا السلطات على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم الرئيس السابق عمر البشير. كما دعوا لإنشاء آلية قضائية دولية تغطي الأراضي السودانية كافة.


