سيخوض كلّ من دونالد ترامب وكامالا هاريس مواجهة أخيرة بهدف التفوّق على الطرف الآخر في الأسبوع الأخير قبل موعد الانتخابات الأميركية، التي تعدّ من أكثر الانتخابات إثارة للانقسام في العصر الحديث. وقد شهدت الحملة الانتخابية سلسلة من الأحداث غير المسبوقة، مما جعلها مختلفة عن أي استحقاق انتخابي آخر جرى في الولايات المتحدة، ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي تقارب النتائج بين نائبة الرئيس الديمقراطية والرئيس الجمهوري مع اقتراب موعد الانتخابات في الخامس من نوفمبر.
سيستخدم كلا المرشحين كل الوسائل المتاحة للتأثير على الناخبين، إذ من المقرر أن تلقي هاريس، البالغة من العمر 60 عامًا، خطابها الختامي يوم الثلاثاء في الموقع نفسه الذي شهد حشد ترامب لأنصاره احتجاجًا على خسارته انتخابات 2020، وذلك قبل أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021. وفي الأيام الأخيرة من الحملة، يسعى المرشحان لكسب تأييد الناخبين في سبع ولايات حاسمة، حيث يمكن لبضع مئات من الأصوات أن تحدد هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة، وسط انقسامات عميقة تشهدها البلاد.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، جون مارك هانسن، لوكالة فرانس برس إن النتيجة “مفتوحة على كل الاحتمالات”. وأيًا تكن النتيجة، سيسجل الأميركيون فصلاً جديدًا في التاريخ، سواء بانتخابهم أول امرأة لرئاسة القوة العالمية العظمى، أو بعودتهم لاختيار رئيس سابق تمت إدانته جنائيًا ليكون القائد العام للقوات المسلحة والرئيس الأكبر سنًا الذي يشغل المكتب البيضاوي على الإطلاق.
“لحظة تاريخية حاسمة”
تعكس هذه الانتخابات خيارًا متباينًا بين هاريس، أول امرأة ومن أصول إفريقية وجنوب آسيوية تشغل منصب نائب الرئيس، وبين ترامب، قطب العقارات الملياردير. كانت رسالة هاريس الانتخابية في بدايتها تركز على الإيجابية، خاصة بعد مفاجأة استبدالها بالرئيس جو بايدن كمرشحة ديمقراطية في يوليو، إلا أنها تحولت فيما بعد إلى التركيز على وصف ترامب “بالخطر على الديمقراطية وحقوق المرأة”.
اختارت هاريس حديقة “ذي إيلبس” في منتزه “ناشونال مول” في واشنطن لتجمعها الانتخابي قبل أسبوع من الانتخابات، وهو الموقع ذاته الذي خاطب فيه ترامب أنصاره في 2021 معترضًا على نتائج انتخابات 2020. وفي إحدى الفعاليات الانتخابية في ولاية ميشيغن، قالت كيمبرلي ويتاكر، إحدى أنصار هاريس: “إنها لحظة تاريخية حاسمة”.
يتوقع أن يرفض ترامب النتيجة مجددًا في حال خسارته، ما يثير مخاوف من احتمال وقوع أعمال فوضى وعنف في الولايات المتحدة، التي تعاني من توترات سياسية شديدة. وقد زاد ترامب من حدة خطابه، خاصة بعد نجاته من محاولتي اغتيال في الصيف، حيث وصف المهاجرين “بالحيوانات”، متعهدًا بإقامة مخيمات ترحيل جماعية، وهدد بمعاقبة معارضيه، الذين وصفهم “بأعداء الداخل”. كما أكد التزامه بشعار “إعادة أمريكا إلى عظمتها”، موجهًا خطابه إلى قضايا الهجرة والاقتصاد، اللذين يمثلان القضايا الرئيسية للناخبين، وفي هذا السياق، صرح درو روبي، طالب العلوم الصحية من ولاية أريزونا ويبلغ من العمر 21 عامًا: “سأختار ترامب على الأرجح، في الحقيقة، كان الوضع أفضل عندما كان رئيسًا”.
“منافسة شديدة”
تتركز الأنظار في هذا السباق على الولايات السبع المتأرجحة التي تشهد أشد المعارك، وهي أريزونا، وجورجيا، وميشيغن، ونيفادا، وكارولاينا الشمالية، وويسكنسن، وبنسلفانيا. وتبدو الانتخابات الأميركية الحالية متقاربة إلى حد غير مسبوق منذ عقود، ويعتمد تحديد الفائز على قدرة المرشح على كسب الناخبين المترددين، وعلى نجاحه في تحفيز قاعدته الانتخابية للتصويت.
تُظهر استطلاعات الرأي انقسامًا كبيرًا في دعم المرشحين على أساس الهوية الجنسية، إلى جانب اختلافات بارزة على أساس العرق والعمر. وقبيل موعد الاقتراع، سينفق المرشحان مئات ملايين الدولارات على الإعلانات، كما سيعتمدان على دعم شخصيات بارزة. إذ ظهر بروس سبرينغستين، والرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل لدعم هاريس، في حين أبدى عملاق التكنولوجيا إيلون ماسك دعمه لترامب.
غير أن التحدي الأكبر يبدو من نصيب هاريس. ويقول ديفيد كارول، أستاذ السياسة في جامعة ميريلاند: “إن حملة هاريس تُدار على الأرض بشكل جيد وبدعم مالي قوي، لكن ترامب ما يزال يستفيد على الأرجح من مزايا داخل النظام الانتخابي الأميركي”.


