عمرة بعد طبق “لوبيا” ومستحقات بعض الكتب

0
58

نجم الدين سيدي عثمان – الجزائر

عاد أحد الأصدقاء قبل أيام من أول رحلة له خارج الوطن، وحدثني بقصة تستحق المشاركة.
كان له زميل في الثانوية سنوات الثمانينات، يقيم في بلدة بعيدة ولم تكن الثانوية توفر الأكل وكثيرا ما كان يأخذه معه إلى البيت قائلا له :”نروحو للدار وواش لقينا ناكلو والصلاة على النبي”، وكان والده رجلا صارما جدًا ومع ذلك كان يأتيه بوجهه المتجهم حين يغيب صديقه فيسأله “أين هو ولماذا لم تأت به؟”.
🛑يذكر صديقي أن رفيقه وزميله حين نجح وانتقل إلى العاصمة للدراسة قال له والده قليل الكلام :”هل أنقص صديقك من مالنا أو رزقنا حين شاركنا الطعام ثلاث سنوات؟ إن كان أنقص من شيء فمن البركة التي تدخل هذا البيت”.
يضيف المتحدث :”لقد كانت كلمات والدي المرحوم دليلا في حياتي أعمل به، أجود وأن بالقليل، ولا أتردد في دعوة الناس إلي بيتي ولو لمشاركتهم طبق لوبيا”.
يردف صديقي :”حين حاولت العمرة لم أوفق في ذلك، ولما عزمت أمري حلت كورونا واثرها تفاجأت بارتفاع الأسعار الجنوني؛ فقطعت الأمل نهائيًا، لكن صديقي وزميلي السابق الذي يقيم ويعمل في بلد خليجي دفع لي التكاليف دون أن أتوقع ذلك، وقمنا بشعائر أول عمرة لنا مع بعض”.
🛑الجميل في القصة يبدأ هنا :”لقد أخبرني صديقي في البقاع المقدسة قائلا :”إن كان هناك من سبب لرد الجميل؛ فليس لأنك كنت تطعمني في منزلك، وإنما لأمر آخر. في يومٍ ما، لم أستطع دفع مستحقات الكتب، وكان الاستاذ قد هددنا قبلها بالطرد، نظرت في وجهي وفهمت القصة، ورفعت يدك مباشرة وقلت للاستاذ “استاذ محمد خلا دراهم لكتابات تاعو عندي”، قلتها أمام الجميع وأخرجت مبلغًا محترمًا، فأنقذتني من مذلة الفقر والاحتياج، كنت لحظتها غارقًا في الوحل ولا أعرف كيف أخرجتني”، ويقول لي صديقي أنه لا يذكر تماما ذلك الموقف ونسيه كأنه لم يكن، وكل ما يذكره أنه في تلك الفترة كان يعمل في بيع الأكياس البلاستيكية، ولم يكن وضعه المالي جيدا، لكنه لا يستبعد أن يكون فعلها فقد أن فقد نشأ في بيئة تكافل وتضامن وتعاون وجماعاتية شعارها “الجود مش من الموجود بصح من لجدود”.
🛑هذه القصة لم تحدث في بلد خليجي وإنما في الجزائر في مدينة الوادي، وصاحبها قد يكتب بنفسه في التعليقات بعد أن استأذنته في كتابتها والمغزى منها أن الخير يعود إليك بطريقة أو بأخرى ولو انتظرت خمس وثلاثين سنة وكذلك الشر، فاعرف ما الذي تفرشه في طريق الناس، فأنت سائر حتمًا في ذلك الطريق.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا