أنت قرد.. العنصرية تستشري في الليغا وتبكي فينيسيوس في بالينثيا

0
58

 

  • فوزي بن جامع

 

لجأ نادي ريال مدريد إلى النيابة العامة الإسبانية للتحقيق في “جريمة كراهية”، اثر إهانات عنصرية تعرّض لها مهاجمه البرازيلي الدولي فينيسيوس جونيور، خلال المواجهة التي خسرها على أرض بالينثيا في المرحلة 35 من الليغا، وكتب الفريق الملكي في بيان على موقعه الرسمي “يعتقد ريال مدريد ان مثل هذه الهجمات تشكّل أيضاً جريمة كراهية، وبالتالي قُدّم التقرير المناسب إلى مكتب المدعي العام، وتحديداً إلى مكتب المدعي العامي بشأن جرائم الكراهية والتمييز، من أجل التحقيق في الوقائع وملاحقة المسؤولين”.

أثارت إهانات عنصرية جديدة تعرّض لها المهاجم البرازيلي فينيسيوس جونيور خلال مباراة فريقه ريال مدريد مع بالينثيا في الدوري الإسباني لكرة القدم، ردود فعل شاجبة من مختلف أنحاء العالم، بعد خسارة ريال مدريد بهدف في المرحلة 35 من الليغا، في مباراة شهدت في نهايتها طرد فينيسيوس جونيور لتوجيهه ضربة لأوغو دورو خلال اشكال بينهما (90+7)، قال مدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي “لم يحدث لي مطلقاً أن فكّرت في اخراج لاعب بسبب العنصرية. ما حصل اليوم واجهناه سابقاً، لكن بهذه الطريقة، لا، هذا غير مقبول، الدوري الإسباني لديه مشكلة مع العنصرية. والمشكلة ليست فينيسيوس، فينيسيوس هو الضحية، هناك مشكلة خطيرة للغاية”، وفي الدقيقة السبعين، أشار البرازيلي خلف المرمى الى احد الجماهير، فيما وقف إلى جانبه مواطنه إيدر ميليتاو واشتكى زملاؤه للحكم، وقال أنشيلوتي انه سمع هتافات “مونو”، أو “قرد” باللغة الإسبانية، ما دفع الحكم ريكاردو دي بيرغوس بينغوتشيا للتحدث مع مسؤولي الملعب الذين طالبوا بإيقاف الاساءات العنصرية فوراً، قبل ان تُستأنف المباراة بعد عشر دقائق، وفي تقريره، كتب الحكم انه سمع مشجعاً يصيح في وجه اللاعب “قرد، قرد”، وأضاف أنشيلوتي “سألته إذا كان يريد الاستمرار باللعب، وبالفعل أراد ذلك، قال لي الحكم انه يتعيّن عليه الاستمرار، وانه سيطبق البروتوكول (العنصرية) بحال تكرّر الأمر، لكن الأمر تكرّر، لانه عندما رفع في وجهه البطاقة الحمراء، كان الملعب بأكمله يهتف +قرد، قرد+ لا يمكن لهذا الأمر أن يستمّر، أنا حزين جداً”.

 

بعد المباراة، كتب “فيني” في حسابه على موقع انستغرام “ما ربحه العنصريون هو طردي، هذه ليست كرة قدم، العنصرية أمر طبيعي في الليغا (الدوري الإسباني)”، تابع المهاجم الدولي البالغ 22 عاماً الذي يحمل ألوان ريال مدريد منذ 2018 تاريخ قدومه من فلامنغو “لم تكن المرّة الأولى، ولا الثانية أو الثالثة، أنا حقاً حزين، البطولة التي كانت ملكاً لرونالدينيو، رونالدو، كريستيانو (رونالدو) وميسي، باتت ملكاً اليوم للعنصريين”، وتابع المهاجم المميّز “بلد جميل رحّب بي وأحبّه، لكنه وافق على تصدير صورة دولة عنصرية إلى العالم، أنا متأسف للإسبان الذين لا يتفقون مع هذا الرأي، لكن اليوم، في البرازيل، تُعدّ إسبانيا دولة عنصرية، وللأسف مع كل ما يحصل كل أسبوع ل يمكنني الدفاع، لكني قوي وسأحارب حتى النهاية ضد العنصريين، حتى لو كان ذلك بعيداً عن هذا المكان”.

تهاطل الدعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي

انهالت المواقف الداعمة للبرازيلي من مختلف أنحاء العالم، وكشف زميله حارس المرمى البلجيكي تيبو كورتوا “لو قال فيني +سأترك الملعب+ كنت سأترك معه. لا يمكن تحمّل هذا الأمر”، مضيفاً انه سمع “أصوات القردة نحو الدقيقة العشرين”، وكتب زميله في المنتخب نيمار “معك”، وانضم إليه في حملة التضامن المهاجم الدولي ريشارليسون، الأسطورة المعتزلة رونالدو أو حتى أيقونة الموسيقى جيلبرتو جيل، أما قائد منتخب فرنسا ونجم باريس سان جرمان كيليان مبابي، فكتب على انستغرام “لست لوحدك، نحن معك وندعمك”، وخلال مؤتمر صحافي في هيروشيما اليابانية، أدان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا “العنصرية” التي وقع اللاعب ضحيتها “لقد هاجموه، وصفوه بالقرد، ليس ممكناً في القرن الحادي والعشرين وجود هذه الأحكام المسبقة العنصرية في العديد من ملاعب كرة القدم”، بدوره، قال رئيس الاتحاد البرازيلي إدنالدو رودريغيش على مواقع التواصل “فيني جونيور، نرسل لك حبّنا ودعمنا، ومن قبل كل البرازيليين”، وفي بيان بعد المباراة، أدان فالنسيا “علناً أي نوع من الإهانة، أو الهجوم والازدراء” و”أسف بسبب الأحداث ” مشيراً إلى “أعمال فردية”، وأكّد النادي انه “يحقق في الوقائع التي حدثت وسيتخذ أشد الاجراءات”.

 

تيباس عكس التيار

اعتذر مهاجمه الهولندي جاستن كلويفرت لفينيسيوس نيابة عن ناديه “أعتذر من قبلنا، كل فريق فالنسيا، لأن هذه ليست كرة قدم. إنها سيئة للغاية”، وعبّر رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) السويسري-الإيطالي جاني إنفانتينو عن تضامنه الكامل مع فينيسيوس “لا مكان للعنصرية في كرة القدم أو في المجتمع، وفيفا يدعم كل اللاعبين الذين واجهوا وضعاً مماثلاً”، وذكّر إنفانتينو بالخطوات الثلاث في مسابقات فيفا مطالباً بتطبيقها في كل الدول والبطولات “أولاً، أوقفوا المباراة، ثانياً، يترك اللاعبون الملعب ويُعلن عبر المذياع ان المباراة ستتوقف بحال استمرار الإهانات،  يُستأنف اللقاء، ثم ثالثاً، إذا عادت الإهانات، تتوقف المباراة وتذهب النقاط الثلاث للخصم”، وفي مقابل كل حملات الدعم، لم يتقبل رئيس رابطة الدوري خافيير تيباس اتهامات اللاعب البرازيلي، فتبادل معه الهجمات على مواقع التواصل الاجتماعي، كتب تيباس “نظراً لعدم قيام من يتوجب عليه أن يشرح لك ماهية الليغا وما يمكن أن تفعله في حالات العنصرية، حاولنا أن نشرح لك، لكنك لم تحضر في أي من التاريخين المتفق عليهما اللذين طلبتهما بنفسك، قبل انتقاد وإهانة الليغا، من الضروري أن تطلع نفسك بشكل صحيح”، ردّ فينيسيوس “لست صديقك للتحدّث عن العنصرية، أريد تصرفات وعقوبات”، بدوره، ختم أنشيلوتي مؤتمره الصحافي “حصلت شكاوى، لكن إلى أين أدت؟ لا شيء على الاطلاق، الحلّ الوحيد هو ايقاف المباراة”.

ضحايا سابقون للعنصرية

أيقظت الإهانات العنصرية المتكرّرة لمهاجم ريال مدريد فينيسيوس جونيور ذكريات سيئة في كرة القدم الإسبانية، تركت محطات سوداء في العقود الأربعة الماضية، أبرزها للكاميروني صامويل إيتو والبرازيليين رونالدو وداني ألفيش.

توماس نكونو وإهانات كامب نو 

رغم نجوميته في الكاميرون، لم يكن توماس نكونو معروفاً لدى وصوله إلى إسبانيول برشلونة في 1982، وقع الحارس العملاق ضحية الإهانات العنصرية ورمي الموز في ملعب كامب نو خلال الديربي ضد برشلونة، روى أخيراً في مقابلة مع موقع “إل كونفيدنسيال”: “الطريف أنّ قسماً من الملعب كان ينعتني بكل الأوصاف، فيما كان القسم الآخر يطلق صافراته لايقافهم، تعاملت مع الأمر دوماً وكأنه بمثابة تحدّ”.

هيدينك والعلم النازي 

خلال عملية الاحماء قبل مباراة فالنسيا وألباسيتي عام 1992، لاحظ مدرّب الأوّل الهولندي غوس هيدينك علماً نازياً معلّقاً على مدرّج مشجعي ألباسيتي، وطالب موظفاً في النادي بازالته مهدداً، بعدم خوض المباراة بحال بقي العلم معلقاً، قال المدرب الهولندي “عندما أرى هذا النوع من الأشياء، لا يمكنني أن أبقى صامتاً.

كاميني وصيحات القردة 

كان إدريس كاميني، مواطن نكونو وخليفته في إسبانيول، ضحية صيحات القردة من قبل بعض مشجعي ريال سرقسطة في 2004، علّق الحارس لإذاعة “كادينا سير” في 2017 “هي لحظتي الاسوأ، كنا متقدمين بهدف مقابل صفر، ووصفوني بكل النعوت، حتى ان الحكم سألني إذا كنت قادراً على الاستمرار باللعب، تعرّضت لصدمة ذهنية لكني نجحت بمواصلة اللعب”، ولم تكن الحادثة الوحيدة له: بعدها بخمسة أشهر، وقع كاميني ضحية رمي الموز في ملعب أتلتيكو مدريد، كشف لقناة “موفيستار” في 2020 “عندما يعيش انسان ما حدثاً مماثلاً، يمكن أن يعود الى بيته وينتحر، لا يمكن لأحد أن يتخيّل ما عشته”.

رونالدو وعبوة المياه 

في آذار/مارس 2005، رمى المهاجم البرازيلي رونالدو عبوة مياه على مدرّجات فريق ملقة، بعد تعرّضه لهتافات عنصرية خلال مشاركته مع فريقه ريال مدريد، قبلها بأيام، وفي الملعب عينه، ضرب المهاجم الكوستاريكي باولو وانتشوب مشجعاً لفريقه صاح بأصوات القردة.

إيتو” “لن ألعب مجدداً” 

تخلّل السنوات الخمس التي أمضاها الأسطورة الكاميرونية صامويل إيتو في صفوف برشلونة (2004-2009) حوادث عنصرية، على غرار رمي المهاجم الكرة نحو جماهير خيتافي في 2004 بعد وقوعه ضحية لصيحات القردة، وبعدها بأسبوعين ضد ألباسيتي، وقع مجدداً صحية للصيحات، في 2005، احتفل بعد تسجيله بتقليد القردة، وفي 2006، قرر إيتو ترك المباراة في أرض سرقسطة، عندما كان يستعدّ لتنفيذ ضربة ركنية، قال للحكم”نو خويغو ماس!” (لن ألعب مجدداً)، فيما كان الأخير يحاول اقناعه بالردّ والبقاء على المستطيل الأخضر، بعد تدخل عدة أشخاص، عاد إيتو واستؤنفت المباراة، بعدها بعدة أيام، عاقب الاتحاد الإسباني سرقسطة بغرامة بلغت 9 آلاف يورو.

ألفيش والموزة 

في نيسان/أبريل 2014، واجه الظهير البرازيلي لبرشلونة داني ألفيش حادثاً مماثلاً في فياريال، قبل تنفيذ ركنية، رُميت موزة باتجاهه، قرّر تقشيرها وقضمها كردّ على الإهانة، قبل ان يتابع اللعب وكأن شيئاً لم يحدث، غُرّم فياريال 12 ألف يورو وقرّر النادي اغلاق المنصة المعنية لمباراة أمام جماهيره.

“كلّنا وليامس” 

عام 2020، وقع مهاجم أتلتيك بلباو إينياكي وليامس ضحية أصوات القردة عند استبداله في ملعب إسبانيول برشلونة. واجهها الغاني سابقاً في خيخون عام 2016 عندما أوقف الحكم المباراة لدقائق قليلة، أدان رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيس هذه التصرفات، قائلا لصحيفة “ماركا” الأكثر مبيعاً في البلاد “كلّنا وليامس: العنصرية، هذا يكفي”، تعرّض مشجعان من إسبانيول لملاحقة قضائية، وتضمّ لائحة اللاعبين ضحايا العنصرية أسماء مثل نيكو وليامس، الغيني مختار دياخابي، المالي فريدريك كانوتيه، العاجي يحيى توريه، الكولومبي جيفرسون ليرما.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا