الرئيس الجزائري في الصين لتسريع المشاريع الحالية واستقطاب مزيد من الاستثمارات

0
4

يشرع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في زيارة للصين التي تعد دولة بالغة الأهمية بالنسبة للجزائر في مجال التبادل التجاري ومشاريع البنية التحتية والاستثمار المنتج، وهي من البلدان الرئيسية التي تراهن الجزائر على دعمها في دخول منظمة بريكس إلى جانب روسيا، بدأ التحضير للزيارة منذ أشهر، لكن الإعلان عنها لم يتم إلا منذ يوم، حيث ذكر بيان للرئاسة الجزائرية أن الزيارة تأتي بدعوة من رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، وهي تدخل في إطار تعزيز العلاقات المتينة والمتجذرة وتقوية التعاون الاقتصادي، بين الشعبين الصديقين الجزائري والصيني، وتأتي محطة بيكين بعد نحو شهر من زيارة موسكو، ما يظهر توجها جزائريا واضحا لمنح زخم أكبر للعلاقات مع الشرق، حيث توجد فرص للشراكة والاستثمار أكبر، ومن رهانات الزيارة الكبرى التي سبق للخارجية الجزائرية الإفصاح عنها “إحداث نقلة نوعية جديدة في العلاقات الجزائرية-الصينية، وإضفاء محتوى أكثر صلابة وأكثر تنوعا للشراكة الإستراتيجية الشاملة التي يطمح البلدان لإرسائها”، وهو ما يفسر الرغبة المشتركة لدى الجانبين في “ضرورة تسريع تجسيد المشاريع المهيكلة المهمة المضمنة في الخطة الخماسية الثانية للشراكة الإستراتيجية (2022-2026) والخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وكذا الخطة الثلاثية (2022-2024) للتعاون في المجالات الرئيسية”، وضمن هذه الخطة التي تراهن عليها كل من الجزائر من جهتها في تطوير بنيتها التحتية، والصين من جهة أخرى في إيجاد منافذ جديدة لتصريف سلعها والحصول على موارد معدنية وطاقوية في إطار “طريق الحرير” الجديد، إنجاز ميناء “الجزائر وسط” في ولاية تيبازة وسط البلاد وتثمين استغلال منجم الحديد بغار جبيلات بتندوف في الجنوب الغربي، واستغلال وتحويل الفوسفات ببلاد الهدبة بتبسة وواد الكبريت بسوق أهراس في أقصى الشرق، من دون إغفال الاستثمار في الطاقة باعتبار الجزائر بلدا طاقويا بامتياز، ويمثل ميناء الوسط أبرز المشاريع الحالية التي تأخر إنجازها، وهو يضم 23 رصيفا يسمح بمعالجة 6،5 مليون حاوية و25،7 مليون طن من البضائع سنويا، ما سيجعله محورا للمبادلات على المستوى الإقليمي، وسيكون هذا الصرح بتمويل مشترك جزائري-صيني على أن تضمن استغلاله شركة صينية (موانئ شنغهاي)، ومن أبرز مميزاته أنه مربوط بطريق الوحدة الإفريقية ما سيسهل عملية نقل البضائع نحو العمق الإفريقي في ظل سعي الصين لامتلاك الحصة الأكبر من الأسواق الإفريقية.

ينتظر أن تعطى إشارة الانطلاق لمشروع الفوسفات الضخم في تبسة أقصى شرق البلاد، بعد الحصول على موافقة مبدئية من مؤسسات مالية صينية لتمويله، وهو مشروع بشراكة جزائرية صينية يقوم على استغلال منجم الفوسفات في بلاد الحدبة بمنطقة جبل العنق بولاية تبسة، والتحويل الكيميائي للفوسفات والغاز الطبيعي وصناعة الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية ومواد كيميائية بوادي الكبريت بولاية سوق أهراس، وفي قطاع الطاقة، يسير البلدان لتجسيد مشروع مركب بتروكيماوي يعمل بتقنية التكسير بالبخار في شراكة بين شركة سوناطراك والشركة الوطنية الصينية للكيمياء والهندسة والبناء “سي سي 7”، وسيسمح المشروع بإنتاج البولي إيثيلين بجميع أنواعه بالإضافة إلى منتجات أخرى، وبالأخص البروبيلين والبوتاديِين، وهي مواد نفطية لديها استعمالات صناعية كبيرة، ويوجد الصينيون أيضا في مشاريع استخراج النفط، فقد أعلنت شركة سوناطراك الجزائرية عن إبرامها عقدا مع الشركة النفطية الصينية سينوباك، لمقاسمة الإنتاج في الرقعة التعاقدية المسماة “زارزايتين”، الواقعة بحوض إليزي شرق البلاد، بقيمة استثمارية تقدر بنحو 490 مليون دولار أمريكي والتي ستسمح باسترجاع ما يقرب 95 مليون برميل من النفطـ، ومن أبرز القطاعات التي تراهن فيها الجزائر بقوة على الشراكة الصينية، تطوير منجم الحديد غار جبيلات بالجنوب الغربي، وفي هذا السياق، تم مؤخرا توقيع اتفاق مع ائتلاف مكون من 3 شركات صينية، لإنجاز مصنع بولاية بشار يقوم بتحويل خام حديد منجم غار جبيلات الضخم، بقيمة استثمارية تصل إلى مليار دولار، وبطاقة إنتاج تبلغ 1 مليون طن من المواد النصف مصنعة، حيث سيتم إنجازه في مدة تقارب 36 شهرا، بالاعتماد على اليد العاملة المحلية، وخلق ما يزيد عن 1000 منصب شغل مباشر، وتعد الصين أهم شريك اقتصادي وتجاري للجزائر، حيث تبلغ قيمة الاستثمارات الصينية المباشرة بالبلاد نحو 10 مليارات دولار، أما التبادل التجاري بين البلدين فهو في حدود 9 مليارات دولار، وهي معطيات جعلت الجزائر من أوائل المنخرطين في “مبادرة الحزام والطريق” في يونيو/حزيران 2019، وهي تسعى اليوم من خلال هذه الزيارة لافتكاك دعم أكثر قوة لرغبتها في دخول منظمة بريكس بعد أن كانت بيكين قد أبدت ترحيبها الأولي بالفكرة عندما طرحها الرئيس عبد المجيد تبون إعلان قبل سنة، وعلى المستوى الجيوسياسي، يتشارك البلدان في الدعوة إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على النحو الذي يضفي أكثر عدالة في صيغته التمثيلية وأكثر شفافية في طرق عمله وبما يؤسس لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. وتصرح الصين كذلك بدعم المطلب الجزائري والإفريقي برفع الظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة الإفريقية بحرمانها من التمثيل الدائم داخل مجلس الأمن الدولي”، كما يتوافق البلدان في الموقف من الصراع الروسي الأوكراني، من خلال اعتماد سياسة الحياد الإيجابي، وبرز حديثا إمكان التعاون العسكري بينهما، وقد حظي السفير الصيني في الجزائر أواخر العام الماضي باستقبال نادر من رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا